.تفسير الآية رقم (66):
{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66)}(66)- وَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ الأَمْرُ يَقْضِي مَبْتُوتٌ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ آخِرَ قَوْمِكَ (دَابِرَهُمْ) سَيَكونُ هَالِكاً مُسْتَأْصِلاً حِينَمَا يَدْخُلُ صَبَاحُ لَيْلَتِهِمْ تِلْكَ، وَلا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ حَيّاً. (وَإِذَا هَلَكَ دَابِرُ القَوْمِ فَقَدْ هَلَكَ أَوَّلُهُمْ، أَيْ هَلَكُوا جَمِيعاً).قَضَيْنَا إِلَيْهِ- أَوْحَيْنَا إِلَيْهِ.دَابِرَ هَؤُلاءِ- آخِرَهُمْ. وَالمُرَادُ بِالتَّعْبِيرِ أَنَّهُمْ جَمِيعاً سَيَكُونُونَ هَالِكِينَ.
.تفسير الآية رقم (67):
{وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67)}(67)- ثُمَّ شَرَعَ اللهُ تَعَالَى يَقصُّ مَا صَدَرَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ، حِينَما عَلِمُوا بِقُدُومِ أَضْيَافٍ صِبَاحِ الوُجُوهِ إِلىَ دَارِ لُوْطٍ، وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ دَمَارِهِمْ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ تَعَالَى سَابِقاً. فَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ أَهْلَ القَرْيَةِ جَاؤُوا إِلَى دَارِ لُوْطٍ مُسْرِعِينَ مُسْتَبْشِرينَ بِأَنَّهُمْ سَيَنَالُونَ بُغْيَتَهُمْ، بِفِعْلِ الفَاحِشَةِ، مِنْ هَؤُلاءِ الضُّيُوفِ.(وَقِيلَ إِنَّ امْرَأَةَ لُوْطٍ هِيَ التِي أَخْبَرَتْ قَوْمَهَا بِوُصُولِ الأَضْيَافِ إِلَى دَارِ زَوْجِها).
.تفسير الآية رقم (68):
{قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68)}(68)- وَقَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ لُوطٌ أَنَّ أَضْيَافَهُ هُمْ رُسُلُ رَبِّهِ إِلَيْهِ، أَخَذَ يُدَافِعُ قَوْمَهُ عَنْهُمْ، وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُمْ أَضْيَافُهُ، وَرَجَاهُمْ أَنُ لا يَخْذُلُوهُ، وَيُهِينُوهُ بِالاعْتِدَاءِ عَلَى أَضْيَافِهِ وَخَفْرِ ذِمَّتِهِ.
.تفسير الآية رقم (69):
{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69)}(69)- وَأَرَادَ لُوطٌ، عَلَيْهِ السَّلامُ، أَنْ يُذَكِّرَهُمْ بِحَقِّهِ عَلَيْهِمْ، وَيَرْجُوَهُمْ أَنْ لا يُخْزُوهُ أَمَامَ ضُيُوفِهِ، فَنَاشَدَهُمُ اللهَ، وَذَكَّرَهُمْ بِمَا يَتَوَجّبُ عَلَيْهِمْ مِنْ تَقْوَى اللهِ، وَمُرَاعَاةِ جَانِبِهِ تَعَالَى.
.تفسير الآية رقم (70):
{قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70)}{العالمين}(70)- فَقَالُوا لَهُ: أَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ اسْتِضَافَةِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِي قَرْيَتِنَا، فَقَدْ كَانُوا يَتَعَرَّضُونَ لِكُلِّ غَرِيبٍ بِالسُّوءِ، وَكَانَ لُوطٌ يُدَافِعُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ارْتِكَابِ الفَوَاحِشِ، وَيُدَافِعُهُمْ عَنْ أَضْيَافِهِ.عَنِ العَالَمِينَ- عَنْ إِجَارَةِ أَوْ ضِيَافَةِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ.
.تفسير الآية رقم (71):
{قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71)}{فَاعِلِينَ}(71)- فَأَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا خَلَقَ اللهُ لَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الزَّوَاجِ مِنْ نَسَاءِ القَرْيَةِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ إِتْيَانِ الرِّجَالِ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ.(وَقَدْ سَمَّى نِسَاءَ قَوْمِهِ بِنَاتِهِ لأَنَّ رَسُولَ الأُمَّةِ كَالأَبِ فِيهَا).
.تفسير الآية رقم (72):
{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)}(72)- فَقَالَتِ المَلائِكَةُ لِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلامُ: وَحَيَاتِكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ، إِنَّ قَوْمَكَ لَفِي ضَلالَتِهِمْ التِي جَعَلَتْهُمْ حَيَارَى لا يَعْرِفُونَ مَا أَحَاطَ بِهِمْ مِنَ البَلاءِ، وَلا مَا يَنْتَظِرُهُمْ مِنَ العَذَابِ، لِمَا أَصَابَهُمْ مِنْ عَمَى البَصِيرَةِ (يَعْمَهُونَ). (أَوْ أَنَّ القَسَمَ بِحَيَاةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ اللهِ تَعَالَى).سَكْرَتِهِمْ- غَوَايَتِهِمْ وَضَلالَتِهِمْ.يَعْمَهُونَ- يَعْمَوْنَ عَنِ الرُّشْدِ أَوْ يَتَحَيَّرُونَ.
.تفسير الآية رقم (73):
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)}(73)- فَنَزَلَ بِهِم العَذَابُ المُنْتَظَرُ، وَأَخْذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ، وَقتَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، وَكَانَ ابْتِدَاؤُهَا مِنَ الصُّبْحِ، وَانْتِهَاؤُهَا حِينَ الشُّرُوقِ، لِذَلِكَ قَالَ أَوْلاً (مُصْبِحِينَ) وَقَالَ هُنَا (مُشْرِقِينَ).
.تفسير الآية رقم (74):
{فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74)}{عَالِيَهَا}(74)- فَهَدَمَ اللهُ بَلَدَهُمْ، وَقَلَبَهَا فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ، زَلْزَلَ أَرْضَهُمْ، وَجَعَلَ عَالِيَ بَلَدِهِمْ سَافِلَهَا، وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ أَثْنَاءَ ذَلِكَ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مَشْوِيٍّ، أَوْ مُتَحَجِّرٍ، (سِجِّيلٍ)، فَقَتَلَتْ مِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ الزِّلْزَالُ، وَهَدَمَتِ البُيُوتَ.سِجِّيلٍ- طِينٍ مُتَحَجِّرٍ طُبِخَ بِالنَّارِ.
.تفسير الآية رقم (75):
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)}{لآيَاتٍ}(75)- وَإِنَّ فِيمَا فَعْلَنَاهُ بِقَوْمِ لُوطٍ، مِنَ الهَلاكِ وَالعَذَابِ، لِدَلالاتٍ لِمَنْ يَتَفَكَّرُونَ فِي الكَوْنِ فَيَعْتَبِرُونَ بِمَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنَ العِظَاتِ وَالعِبَرِ، وَلِمَنْ يَتَأَمَّلُونَ ذَلِكَ وَيَتَوَسَّمُونَهُ، وَيَنْظُرُونَهُ بِعَيْنِ البَصِيرَةِ وَالبَصَرِ.لِلْمُتَوَسِّمِينَ- لِلْمُتَفَرِّسِينَ. المُتَأَمِّلِينَ.
.تفسير الآية رقم (76):
{وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76)}(76)- وَإِنَّ هَذِهِ القَرْيَةَ (قَرْيَةَ قَوْمِ لُوطٍ) التِي دَمَّرَهَا اللهُ تَعَالَى، وَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا لَهِيَ فِي طَرِيقٍ مُعْلَمٍ وَاضِحٍ يِمُرُّ بِهِ المُسَافِرُ مِنَ الحِجَازِ إِلَى الشَّامِ، وَيَرَى أثَارَها البَاقِيَةَ.لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ- فِي طَرِيقٍ وَاضِحٍ بَاقٍ لَمْ يَنٍدَثِرْ.
.تفسير الآية رقم (77):
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)}{لآيَةً}(77)- وَالذِي صَنَعْنَاهُ بِقَوْمِ لُوطٍ مِنَ الهَلاكِ وَالدَّمَارِ، وَمَا قُمْنَا بِهِ مِنْ إِنْجَاءِ لُوطٍ وَأَهْلِهِ، لَدَلالَةٌ، وَعِبْرَةٌ جَلِيَّةٌ لِلمُؤْمِنِينَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، لأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَنَّ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ العَذَابِ إِنَّمَا كَانَ انْتِقَاماً مِنْ أُوْلَئِكَ الكَفَرَةِ الفَسَقَةِ، الذِينَ كَفَرُوا بِاللهِ، وَكَذَّبُوا رَسُولَهُ، وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِهِ.
.تفسير الآية رقم (78):
{وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78)}{أَصْحَابُ} {لَظَالِمِينَ}(78)- وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ هُمْ قَوْمُ شُعَيبٍ، وَكَانَ ظُلْمُهُمْ بِشِرْكِهِمْ بِاللهِ، وَقَطْعِهِم الطَّرِيقَ عَلَى السَّابِلَةِ، وَبَخْسِهِمْ المِكْيَالَ وَالمِيزَانَ، فَأَرْسَلَ اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ شُعَيْباً فَكَذَّبُوهُ.الأَيْكَةِ- البُقْعَةِ الكَثِيفَةِ الشَّجَرِ.
.تفسير الآية رقم (79):
{فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79)}(79)- فَانْتَقَمَ اللهُ مِنْهُمْ بِالصَّيْحَةِ وَالرَّجْفَةِ، وَعَذَابِ يَوْمِ الظُلَّةِ. وَكَانَتْ أَرْضُهُمْ قَرِيبَةٌ مِنْ أَرْضِ قَوْمِ لُوطٍ، وَكَانُوا بَعْدَهُمْ فِي الزَّمَانِ، وَكَانَتْ قَرْيَتُهُمْ وَقُرَى قَوْمِ لُوطٍ تَقَعُ عَلَى طَرِيقٍ ظَاهِرٍ يَأْتَمُّونَ بِهِ، وَيَهْتَدُونَ فِي سَيْرِهِمْ، بَيْنَ الحِجَازِ وَالشَّامِ، وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُمْ شُعَيبٌ، عَلَيْهِ السَّلامُ، حِينَمَا حَذَّرَهُمْ نَقْمَةَ اللهِ:
{وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ}.وَإِنَّهُمَا- أَيْ قَرْيَةُ لُوطٍ وَقَرْيَةُ أَصْحَابِ الأَيْكَةِ.لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ- بِطَرِيقٍ وَاضِحٍ يَأْتَمُّونَ بِهِ فِي أَسْفَارِهِمْ.
.تفسير الآية رقم (80):
{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)}{أَصْحَابُ}(80)- وَأَصْحَابُ الحِجْرِ هُمْ قَوْمُ ثَمُودَ، وَقَدْ كَذَّبُوا نَبِيَّهُمْ صَالِحاً، وَمَنْ كَذَّبَ بِرَسُولٍ فَقَدْ كَذَّبَ بِجَمِيعِ المُرْسَلِينَ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى إِنَّهُمْ كَذَّبُوا المُرْسَلِينَ.الحِجْرِ- دِيَارُ ثَمُودَ بَيْنَ المَدِينَةِ وَتَبُوكَ.
.تفسير الآية رقم (81):
{وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81)}{آتَيْنَاهُمْ} {آيَاتِنَا}(81)- وَآتَاهُمُ اللهُ مِنَ الآيَاتِ مَا يَدُلُّهُمْ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ رَسُولُهُمْ صَالِحٌ، وَمِنْ هَذِهِ الآيَاتِ أَنَّهُ دَعَا اللهَ- بِنَاءً عَلَى اقْتِرَاحِ قَوْمِهِ- فَأَخْرَجَ لَهُمْ نَاقَةً عَشْرَاءَ مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ، وَكَانَتِ النَّاقَةُ تَسْرَحُ فِي بِلادِهِمْ، وَتَقْتَسِمُ مَعَهُمُ المَاءَ، فَتَشْرَبُهُ يَوْماً، وَيَشْرَبُونَهُ يَوْماً، فَضَاقُوا بِالنَّاقَةِ ذَرْعاً فَعَقَرُوهَا (ذَبَحُوهَا أَوْ قَتَلُوهَا)، فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ عَنْ آخِرِهِمْ، وَدَمَّرَ عَلَيْهِمْ.
.تفسير الآية رقم (82):
{وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82)}{آمِنِينَ}(82)- وَكَانُوا يَنْحِتُونَ بُيُوتَهُمْ فِي الجِبَالِ، مَخَافَةَ هَدْمِهَا أَوْ نَقْبِهَا مِنْ قِبَلِ اللُّصُوصِ، أَوْ مَخَافَةِ تَخْرِيبِ الأَعْدَاءِ لَهَا.(وَقِيلَ إِنَّ المَعْنَى هُوَ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْحِتُونَ بُيُوتَهُمْ فِي الجِبَالِ مِنْ غَيْرِ خُوْفٍ، وَمِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بَطْراً وَأَشْراً وَعَبَثاً).
.تفسير الآية رقم (83):
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83)}(83)- فَلَمَّا كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ، وَعَقَرُوا النَّاقَةَ، قَالَ لَهُمْ صَالِحُ نَبِيُّهُمْ: لَقَدْ عَتَوْتُمْ عَنْ أَمْرِ رَبِّكُمْ فَانْتَظِرُوا عِقَابَ اللهِ، وَعَذَابَهُ عَلَى فِعْلِكُمْ، بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ. وَفِي اليَوْمِ المُحَدَّدِ لِنُزُولِ العَذَابِ بِهِمْ- وَهُوَ اليَوْمُ الرَّابِعُ- أَخَذَتْهُمْ صَيْحَةُ العَذَابِ عَنِ الصَّبَاحِ، فَدَمَّرَهُمُ اللهُ جَمِيعاً وَلَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ أَحَداً.
.تفسير الآية رقم (84):
{فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (84)}(84)- فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ مَا كَانُوا يَسْتَغِلُّونَهُ مِنْ زُرُوعِهِمْ وَثِمَارِهِمْ التِي ضَنُّوا بِمَائِهَا عَلَى النَّاقَةِ، حَتَّى عَقَرُوهَا، لِكَيْلا تُشَارِكَهُمْ فِيهِ، وَلَمْ تَدْفَعُ عَنْهُمُ الأَمْوَال التِي يَكْسِبُونَهَا مِنْ أَعْمَالِهِمْ فِي نَحْتِ البُيُوتِ، وَإِعْمَارِ الأَرْضِ، لَمَّا جَاءَهُمْ أَمْرُ اللهِ، كَمَا لَمْ تَمْنَعْهُمُ البُيُوتُ التِي نَحَتُوهَا فِي الجِبَالِ لِتَدْفَعَ عَنْهُمْ عَادِيَّاتُ الدَّهْرِ، مِنْ قَضَاءِ اللهِ شَيْئاً.
.تفسير الآية رقم (85):
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)}{السماوات}(85)- يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ لَمْ يَخْلُقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالحَقِّ وَالعَدْلِ، وَلْحِكْمَةٍ وَمَصْلَحَةٍ. وَلَمْ يَخْلُقْهُمَا بَاطِلاً وَعَبَثاً، لِلَّهْوِ وَالتَّسْلِيَّةِ. ثُمَّ أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ السَّاعَةَ سَتَقُومُ لا مَحَالَةَ، وَحِينَئِذٍ يَلْقَى كُلُّ وَاحِدٍ جَزَاءَهُ. ثٌمَّ أَمَرَهُ بِالصَّفْحِ عَنْ إِسَاءَاتِ المُشْرِكِينَ وَأَذَاهُمْ لَهُ، وَتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ.
.تفسير الآية رقم (86):
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)}{الخلاق}(86)- وَيُقَرِّرُ اللهُ تَعَالَى: أَنَّهُ سَيَبْعَثُ الخَلْقَ حِينَ تَقُومُ السَّاعَةُ، فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ لأَنَّهُ الخَلاقُ الذِي لا يُعْجِزُهُ شَيءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ، وَقَدْ خَلَقَهُمْ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فِي الوُجُودِ، لأَنَّهُ العَلِيمِ بِأَحْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ، وَبِمَا تَفَرَّقَ مِنْ أَجْسَادِهِمْ فِي أَرْجَاءِ الأَرْضِ.
